دوامة الحرب في اليمن وشبح الحرب الطائفي

بالعربي: يتجه اليمن نحو حرب مذهبية، خصوصا مع احتمال تدخل خليجي وشيك لمساندة الرئيس هادي ضد الحوثيين، حيث قد يؤدي ذلك إلى تغيير في قواعد اللعبة، فتصبح السعودية وإيران أكبر لاعبين فيما سيحدث من تطورات في اليمن.

بدأت دوامة الحرب في اليمن تأخذ طابعا خطيراً، ينذر بحرب أهلية وطائفية. ومع قيام الحوثييين بإحكام قبضتهم على أجزاء جديدة من البلاد، بعد سيطرتهم على تعز، وزحفهم نحو عدن، التي أصبحت العاصمة المؤقتة للرئيس عبد ربه منصور هادي ، يدخل اليمن الآن مرحلة سياسية جديدة تنطلق من عاصمتين إثنين، واحدة في شمال البلاد وأخرى في جنوبها .

ومع التقدم الذي تحرزه الجماعات الحوثية على الأرض، وزحفها نحو عدن التي يتحصن فيها الرئيس هادي، المعترف به دولياً، ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية نقلاً عن وزير الخارجية اليمني الجديد رياض ياسين قوله إنه "تم مخاطبة كل من مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة وكذلك المجتمع الدولي بأن يكون هناك منطقة طيران محظورة، وأن يتم منع استخدام الطائرات العسكرية في المطارات التي يسيطر عليها الحوثيون وأن تتدخل قوات "درع الجزيرة" لوقف هذا التمدد الحوثي".

درع الجزيرة الخليجي وقلب الأوراق:

يعد دخول قوات درع الجزيرة الى الساحة اليمنية تطورا جديدا قد يقلب الأوراق مرة أخرى بحسب الكاتب والصحفي اليمني نشوان العثماني والمقيم في عدن حيث يؤكد أن "الوضع في اليمن يشهد توتراً جديداً، خاصة بعد التحذير الذي أصدره محافظ تعز شوقي هائل سعيد بضرورة انسحاب القوات الحوثية، والقوات الخاصة من المحافظة خلال الأربعة وعشرين ساعة المقبلة" وقال نشوان " هذه التحذيرات والأخبار الواردة عن تدخل محتمل لدرع الجزيرة الخليجي قد تقلب الأوراق السياسية، كما تعد مؤشرا واضحا لتغيير محتمل هناك. قوات درع الجزيرة المشتركة هي قوات عسكرية تشارك فيها دول مجلس التعاون الخليجي منذ إنشاؤها عام 1982 بهدف حماية أمن الدول الأعضاء وردع أي عدوان عسكري عليها.

تدخل سعودي محتمل:

وقد شهدت مدينة تعز أمس أكبر مظاهرة من نوعها ضد وجود المسلحين الحوثيين ، والتي سارت أمام معسكر قوات الأمن الخاصة. يأتي ذلك فيما أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل يوم الاثنين أن "دول الخليج العربية ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية المنطقة ضد أي "عدوان" من جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران، إذا لم يكن بالإمكان التوصل لحل سلمي للفوضى في اليمن.

دور إيراني بارز

وفيما يرى الصحفي فارس أبو بارعة من اللجان الشعبية الحوثية في حوار مع DW عربية "أن التدخل الإيراني في اليمن، هو محض افتراء وتمويه، يهدف به هادي إلى إيجاد مبرر لتدخل سعودي محتمل"، يرى الصحفي العثماني أن لإيران يدا واضحة في دعم الحوثيين وقال بأن "مصادر إعلامية يمنية أعلنت عن وجود اتفاق بين الحوثيين وإيران يقضي بإجراء 14 رحلة أسبوعية بين اليمن وطهران أي بمعدل رحلتان جويتان يوميا"، وتساءل العثماني:"ماذا تنقل هذه الطائرات ان لم يكن هنالك دعم عسكري؟" هذا وذكرت صحيفة القدس العربي اللندنية في عددها هذا الإثنين عن حصولها على أنباء تفيد قيام إيران "بتعزيز دعمها للحوثيين، وذلك اثر زيارة وفد من دوائر وزارة الدفاع إلى طهران، حيث أكد الإيرانيون للوفد اليمني أنهم ملتزمون بدفع ملياري دولار للعمل العسكري، كما التزموا بدعم لوجستي، حسبما أكدت مصادر خليجية .

تقدم القوات الحوثية:

ويرى مراقبون أن التقدم السريع للقوات الحوثية، لم يكن ليحصل دون تحالف مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، والذي تدين له النسبة الأكبر من الجيش اليمني بالولاء. وبالرغم من العداوة السابقة بين الحوثيين والرئيس السابق صالح، والذي اعلن الحرب عليهم في صعدة على مدى سنوات طويلة، منذ عام 2004 ، حيث سجن العديد منهم، غير أن المصالح العسكرية المشتركة حتمت التحالف بين زعيم الحركة الحوثية عبدالملك الحوثي والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، لا سيما وان صالح ينهج المذهب الزيدي الذي ينتمي إليه الحوثيين.

وعن ولاء الجيش لصالح وسرعة تحالفه مع الحوثيين يعتبر الكاتب الصحفي العثماني "بأن صالح لجأ إلى رفد الجيش بعناصر الطائفة الزيدية الشيعة، وأن عددا قليلا من أفراد الجيش من السنة، وهو ما يبرر عدم تمكن الجيش من التدخل أمام تقدم الحوثيين. يضاف إلى ذلك رغبة صالح في العودة الى إلحكم او في عودة ابنه احمد إلى الرئاسة" وقال العثماني: إن صنعاء شهدت مظاهرة قبل أيام طالبت بتنصيب أحمد علي صالح لمنصب الرئيس، وذلك في إطار حل توافقي بين الأطراف المتصارعة.

قوات هادي وقوات صالح

بالنظر إلى الحشودات العسكرية المتواصلة للحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والتي تتحين ساعة الصفر للهجوم على عدن وبقية المحافظات اليمنية الجنوبية، يستبعد العثماني أن تنتشر الحرب في "شمال وجنوب البلاد"، بالرغم من تمركز الرئيس الحالي في المحافظات الجنوبية. ويبرر العثماني قوله بأنه "رغم مساندة الحافظات الجنوبية للرئيس هادي، حيث ينحدر منها أيضا إلا أن محافظات شمالية مثل تعز ومأرب والبيضاء ترفض الحوثيين وتقاومهم، وهو ما يبرهن على وجود رفض لدى الشماليين والجنوبيين بشأن سيطرة الحوثيين. من جهته يرفض أبو بارعة نشوب حرب أهلية، مشددا على أن الحركة الحوثية لا تسعى إلى تقسيم اليمن بل هدفها هو تحقيق أهداف الثورة اليمنية لكل اليمنيين.

الحرب المذهبية هي الأقرب:

المراقب لعجلة تغيرات الأحداث المتسارعة باليمن، يجد أن تلك الأحداث تتجه نهاية المطاف إلى أكثر من ذلك. إلا أن السيناريو الأقرب قد يكون حربا مذهبية، في حال إن قررت ايران والسعودية التدخل بصورة أكبر، خاصة وأن تركيبة السكان تتشكل من عنصري السنة والشيعة، وأغلبية سنية الشافعية. كما ان الحرب القبائلية لا تبدوا بعيدة، خاصة إذا علمنا أن أكثر من 85 بالمئة من أهل اليمن هم من القبائل.

ويبقى التحالف السياسي بين صالح والحوثيين أيضا من السيناريوهات الشائكة، فصالح يريد استخدام الحوثيين للرجوع الى الرئاسة، فيما يريد الحوثيون استغلال نفوذ صالح للسيطرة على اليمن. وهو ما قد ينذر أيضا باصطدام بين صالح والحوثيين على الأمدين المتوسط والطويل. وفي النهاية فان الخاسر الأكبر هو المواطن اليمني، حيث تفيد تقارير البنك الدولي إلى وصول معدل الفقر لدى السكان إلى 54 بالمائة ، فيما يفتقد أقل من نصف عدد السكان إلى الغذاء والماء اللازمين.

المصدر:DW عربية