وفد إسرائيليّ فرنسا لتأجيج الخلاف بين واشنطن وباريس حول الاتفاق مع إيران

بالعربي: يبدو أنّ صنّاع القرار في تل أبيب، يستخدمون جميع الطرق والوسائل لإجهاض الاتفاق المتوقّع توقيعه بين إيران والدول العظمى حول الملّف النوويّ الإيرانيّ، كما بات واضحًا أنّ إسرائيل تعمل على تأجيج الخلاف بين الولايات المتحدّة الأمريكيّة وبين فرنسا حول قضية إلغاء العقوبات على إيران. وفي هذا السياق، كشفت صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة اليوم الاثنين النقاب عن أنّه توجه إلى باريس وفد يضم مستشار الأمن القومي في دبوان رئيس الوزراء، يوسي كوهين، ووزير شؤون الاستخبارات يوفال شطاينتس، ومسؤولين في وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات.

وتابعت الصحيفة قائلةً، نقلاً عن مصادر سياسيّة رفيعة في تل أبيب، إنّ زيارة الوفد الإسرائيليّ إلى فرنسا قبل يومين من استئناف المحادثات بين الدول الكبرى وإيران في لوزان السويسرية، لافتةً إلى أنّ الوفد الإسرائيلي سيجتمع مع وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، ومع أعضاء طاقم المفاوضات في المحادثات مع إيران برئاسة مدير عام وزارة الخارجية نيكولا دي ريفييه. وتهدف الزيارة، بحسب المصادر عينها، إلى التأثير على المفاوضات بين إيران والدول الكبرى، علمًا أنّ فرنسا من أكثر الدول تشددًا في المحادثات، وبالتالي تسعى إسرائيل لاستغلال ذلك لزيادة التضييق على إيران وتشديد شروط الاتفاق وربط رفع العقوبات بالتزام طهران بتنفيذ بنوده. وقال شطاينتس للإذاعة الإسرائيليّة الرسميّة باللغة العبريّة إنّ الاتفاق مليء بالثغرات، وهدفنا منع التوقيع على ما أسماه بالاتفاق السيئ.
وأوضح أيضًا أنّ أيّ اتفاق يسمح لإيران بإنتاج السلاح النوويّ، فإنّ ذلك يُهدد الأمن القوميّ الإسرائيليّ، مُضيفًا أنّه على الرغم من أنّ أمريكا هي أكبر حليف لإسرائيل، فإنّه عندما يتعلّق الأمر بالأمن القوميّ الإسرائيليّ، فإنّ تل أبيب تسمح لنفسها بمعارضة توجّه واشنطن، أخذة بعين الاعتبار حصول توتًر في العلاقات الثنائيّة، على حدّ تعبيره. وكان وزير الخارجية الفرنسيّ قد قال قبل يومين إنّه يُريد اتفاقًا متماسكًا بشأن برنامج إيران النووي يضمن عدم امتلاكها قنبلة نووية.
وفي وقتٍ سابقٍ، كشف مصدر دبلوماسيّ أوروبيّ عن سبب تعثر مفاوضات لوزان حول الملف النووي الإيراني فجأةً وانفراط عقد جولتها الجديدة بعد أنْ كان الحديث يدور الجمعة، وهو اليوم الخامس من جولة التفاوض الحالية، عن تقدم قد يدفع بوزراء الخارجية الفرنسي والبريطاني والألماني للحضور إلى لوزان، الأمر الذي تغير في اللحظة الأخيرة، وتقرر أنْ يحصل هذا اللقاء في مكان ما من أوروبا، وأنْ يقتصر على الأوروبيين والأمريكيين دون سواهم، بسبب وجود تباينات في ما بينهم، خصوصًا بين واشنطن وباريس، حيال كيفية التعاطي مع إيران. وبحسب المصدر، فإنّ وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس اتصل بوفد بلاده إلى لوزان طالبًا عدم تقديم أي تنازلات إضافية للإيرانيين قبل أنْ يوضحوا صحة ما تردد عن أنهم قاموا في السنوات الماضية بتطوير تصاميم لرؤوس حربية نووية.
الأمريكيون علّقوا على الموقف الفرنسي بدعوة باريس إلى التركيز على البرنامج الحالي لإيران وليس العودة إلى الماضي، بينما أعرب الإيرانيون عن سخطهم مما يطرحه الفرنسيون واصفين إياهم بمخربي الصفقات، في إشارة واضحة إلى موقف فرنسي مماثل تقريبًا عندما غادر فابيوس المفاوضات عشية التوقيع على اتفاق جنيف المرحلي قبل عام ونصف، ما اضطُرّ وزير الخارجية الأمريكيّ جون كيري حينها للتوجه إلى باريس لإقناع فابيوس بالحضور إلى جنيف مجددًا والتخلي عن تحفظاته. وكما في جنيف كذلك في لوزان هذه المرة، حيث امتد الخلاف الأمريكيّ-الفرنسيّ، بحسب المصدر نفسه، ليشمل التسريبات الإعلامية لوفدي البلدين عن سير المفاوضات، والتي تضمنت معلومات متناقضة في حين يُفترض ببلدين شريكين في المفاوضات مع إيران تقديم معلومات لا تكون بالضرورة متطابقة بل متجانسة على الأقل.
وقبل أنْ يكشف المصدر الأوروبيّ عن أنّ الخلاف بين باريس وواشنطن هو الذي أدّى إلى فشل جولة التفاوض الحالية، كان مفاوض أوروبي قد كشف عن نقاط التوافق والاختلاف سواء بين إيران والدول الغربية، أو في ما بين هذه الدول، وهي التالية:
أولاً، مدة الاتفاق، إذ تريد إيران اختصارها بستة أو سبعة أعوام، ويريدها الفرنسيون لعشرين عامًا، بينما يطرح الأميركيون تسوية لخمسة عشر عامًا.
ثانيًا: العقوبات الأوروبيّة والأمريكيّة حصل تقدم بشأنها وقد تُرفع خلال فترة تمتد من بضعة أشهر إلى عامين، لكن الخلاف يدور حول عقوبات الأمم المتحدة التي تريد إيران رفعها أولاً، ويرفض الغربيون ذلك قبل الحصول منها على ضمانات واضحة حول سلمية برنامجها النووي، مع تفاوت في مواقف الغربيين حول هذه النقطة بين الأكثر مرونة كالولايات المتحدة والأكثر تشدداً كفرنسا.
ثالثًا، حصل تقدّم خلال مفاوضات لوزان حول الشفافية والوصول إلى المواقع الإيرانيّة لكن الغربيين يريدون تعهدات مكتوبة وواضحة، لأنّ لديهم في هذا المجال تجارب سلبية خصوصًا مع كوريا الشمالية. رابعًا، النقطة الأكثر تعقيدًا، يقول المفاوض الأوروبيّ، تتعلق بالمهلة الزمنية التي يجب أنْ تفصل إيران عن إنتاج قنبلة نووية في حال انهيار الاتفاق أو انتهاء مدته، فطهران كانت تمتلك قبل توقيع اتفاق جنيف المرحلي 200 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة، فيما المطلوب لصنع القنبلة هو 240 كغم، كانت إيران ستبلغ هذه العتبة خلال ثلاثة أشهر. المطلوب غربيًا أنْ يكون الإيرانيون على بعد عام كامل من القدرة على إنتاج القنبلة النووية وليس بضعة أشهر فقط.
جدير بالذكر أنّ الوفد الإيرانيّ رفض التنازل حول هذه النقطة الأكثر صعوبة، بحسب المفاوض الأوروبي. وبعد الإعلان عن إحراز تقدّم في المفاوضات مع إيران حول برنامجها النوويّ دفعت حكومة نتنياهو بوفدٍ رفيع المستوى إلى فرنسا في محاولة أخيرة للتأثير على فحوى الاتفاق، قالت الصحيفة الإسرائيليّة.

الرأي اليوم