محاولة لإدانة «حزب الله» في «مجلس حقوق الإنسان»

بالعربي: لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثالث بعد الثلاثمئة على التوالي.

بينما يستمر الداخل مشدودا الى أزماته التي يراوح معظمها في مكانه، أطل من الخارج ملف مستجد لا ينفصل عن تداعيات الازمة السورية، حيث علمت «السفير» ان هناك اتجاهاً لدى «مجلس حقوق الانسان» التابع للامم المتحدة في جنيف لإدانة «حزب الله» بسبب تدخله العسكري في سوريا، الامر الذي تحاول وزارة الخارجية منعه، من خلال معركة ديبلوماسية استباقية، متعددة الاتجاهات.
وفي التفاصيل، ان السعودية وقطر تقودان التحرك الضاغط الهادف الى تضمين البيان الختامي للاجتماع السنوي للمجلس فقرة تدين مشاركة «حزب الله» في القتال في سوريا، من باب التنديد بدور «المقاتلين الاجانب» في الحرب.
وقد أبدت الخارجية اللبنانية اعتراضا على الصيغة المقترحة، وباشرت في اتصالات ديبلوماسية مع العديد من الدول الأعضاء في المجلس، للحؤول دون إقرار الفقرة المشكو منها، داعية الى الاكتفاء بالاشارة الى «المقاتلين الاجانب» وعدم التطرق بالاسم الى «حزب الله».
ويركز لبنان الرسمي في موقفه على ان الاولوية في هذه المرحلة هي لتحصين الاستقرار الداخلي وتفادي كل ما يمكن ان يؤدي الى اهتزازه، وبالتالي فإن النص المقترح لهذه الفقرة في مشروع البيان الختامي لـ «مجلس حقوق الانسان» لا يفيد في حماية هذا الاستقرار.
وأظهرت الاتصالات التي أجريت حتى الآن ان هناك تجاوبا من قبل أكثر من دولة مع الطرح اللبناني الذي يحاول استقطاب أكبر نسبة تأييد ممكنة، في مهمة لا تخلو من الصعوبة.
والمفارقة في هذا المجال، ان الولايات المتحدة الاميركية أبدت نوعا من التفهم للموقف اللبناني الرافض لإدانة تدخل «حزب الله» في سوريا، بينما تصر الرياض والدوحة على ذلك.
وفي معلومات «السفير» ان وتيرة الحراك الديبلوماسي اللبناني سترتفع خلال الاسبوع الحالي الذي يفترض ان يكون حاسما في تحديد وجهة هذا الملف، وبلورة نتائج المشاورات التي تجريها وزارة الخارجية مع جهات عدة، علما ان آخر المعطيات تفيد أن السعودية وقطر تتمسكان بإدانة الحزب.
وتحاول الديبلوماسية اللبنانية تحقيق نوع من التوافق المسبق على تعديل النص الذي يطال «حزب الله»، وصولا الى سحبه من مشروع البيان الرسمي الذي يجري تحضيره مسبقا، لأنه في حال اعتماد خيار التصويت لحسم الخلاف، فإن لبنان سيخسر، كون موازين القوى الإجمالية داخل مجلس حقوق الانسان، ليست لمصلحته، في هذه المسألة.
وتجدر الاشارة الى ان لبنان كان قد نجح العام الماضي في منع إدانة «حزب الله»، بعدما تجاوبت الرياض والدوحة مع المساعي التي بُذلت آنذاك في هذا الاتجاه، بدعم من بعض الدول الكبرى، بينما تبدو الامور أصعب هذا العام، بفعل «عناد» هاتين الدولتين القادرتين على حشد دعم لهما.

تداعيات قرار الأمم المتحدة

واللافت للانتباه ان المحاولة المتجددة لإدانة «حزب الله» في مجلس حقوق الانسان تأتي بعد القرار الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة في كانون الأول 2014، والذي دان بقوة في فقرته الثانية عشرة «تدخل جميع المقاتلين الأجانب الإرهابيين في الجمهورية العربية السورية، بالإضافة إلى مقاتلي التنظيمات الأجنبية الذين يقاتلون بالنيابة عن النظام السوري، خصوصاً ميليشيات مثل «حزب الله» و «عصائب أهل الحق» و «لواء أبو الفضل العباس»، كما ورد في القرار، الذي أشار الى «القلق العميق من أن تدخلهم يفاقم من تدهور الوضع في الجمهورية العربية السورية، وضمن ذلك حقوق الإنسان والوضع الإنساني، وهو ما يؤدي إلى تأثير سلبي على المنطقة».
وقد صوّتت يومها 125 دولة مع القرار و13 ضده، بينما امتنعت 47 دولة عن التصويت، من بينها لبنان!
وأبلغت جهات ديبلوماسية  ان قطر والسعودية تستندان أساساً، في مطالبتهما بإدانة مجلس حقوق الانسان لـ «حزب الله»، الى قرار الامم المتحدة، الامر الذي يجعل المسعى اللبناني المضاد صعبا للغاية.
وفيما شكل امتناع لبنان عن التصويت على القرار الاممي المذكور نقطة ضعف في المعركة الديبلوماسية التي يخوضها حاليا في جنيف، قالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ «السفير» ان سفير لبنان لدى الامم المتحدة نواف سلام اجتهد آنذاك في الوقوف على الحياد، انطلاقا من تفسيره وترجمته لسياسة «النأي بالنفس» عن أحداث سوريا.
لكن المصادر شددت في الوقت ذاته على ان لبنان لن يتهاون في السعي الى احتواء السيناريو المعد في مجلس حقوق الانسان المتوقع انعقاده قريبا، بمعزل عما جرى سابقا في الجمعية العامة للامم المتحدة، مؤكدة ان وزارة الخارجية تبذل جهدا كبيرا لتصويب الشق الذي يطال «حزب الله» في البيان المقترح، من دون التقليل من شأن العقبات القائمة والتي قد تجعل النجاح في المهمة غير مضمون هذه المرة.

"السفير"