أبحاث "الأمن القوميّ" الإسرائيليّ: الحرب بين إسرائيل وحزب الله وحماس باتت قريبة أكثر من أيّ وقت مضى

بالعربي: رأت دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث "الأمن القوميّ" الإسرائيليّ، التابع لجامعة "تل أبيب"، أنّه على الرغم من أنّ "إسرائيل" و"حزب الله" و"حماس"، لا يرغبون في مواجهة عسكريّة جديدة، إلّا أنّ التطورّات في الإقليم قد تؤدّي إلى جرّهم لحرب جديدةٍ وقاسيةٍ للغاية.

وشدّدّت الدراسة، التي جاءت تحت عنوان: إسرائيل، حزب الله وحماس في الطريق إلى المواجهة غير المرغوبة، ولكن غير المُستبعدة بتاتًا، على أنّ انتشار الإسلام السلفيّ في الشرق الأوسط، يؤدّي إلى ردود فعلٍ مختلفةٍ في الشرق الأوسط، وبشكل غير مباشر، يؤدّي هذا الانتشار إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، الأمر الذي قد يدفع "إسرائيل" من جهة و"حزب الله" في الشمال و"حماس" في الجنوب من جهة أخرى إلى المُواجهة العسكريّة.

ولفتت الدراسة إلى أنّ تنظيم (أنصار بيت المقدس)، الذي بايع الدولة الإسلاميّة، يعمل وبوتيرةٍ عاليةٍ ضدّ النظام المصريّ، في محاولةٍ واضحةٍ لزعزعته مُستعينًا بحركة حماس، الأمر الذي سيدفع الرئيس المصريّ المُشير عبد الفتّاح السيسي إلى زيادة الضغط على حركة حماس، وهذا الضغط، بحسب الدراسة، سيدفع حماس إلى اللجوء للخيار العسكريّ ضدّ إسرائيل من أجل التخلّص من الضغوط المصريّة المُكثفّة.

ولفتت الدراسة إلى أنّ تحليل العوامل الإستراتيجيّة للاعبين المُشاركين في الحلبة مع بداء العام 2015: إسرائيل، حزب الله وحماس، بيتين بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل، بأنّهم لا يرغبون بالحرب، ولكن بالمُقابل إذا استمرّت الأوضاع على ما هي الآن، فإنّ المواجهة العسكريّة بينهم آتية لا محال، حسبما ذكرت الدراسة.

وأوضحت الدراسة أنّه من أجل فهم الأمور بشكلها الصحيح والواقعيّ، يتحتّم على دوائر صنع القرار في تل أبيب أنْ تأخذ بعين الاعتبار عاملين مهمين: الضغط المصريّ على حماس في قطاع غزّة، وخصوصًا أنّ النظام الحاكم في القاهرة يرى في حركة حماس عدوًا تمامًا مثل (الإخوان المسلمين)، وتُشكّل أيضًا خطرًا على الأمن القوميّ المصريّ.

علاوة على ذلك، لفتت الدراسة إلى أنّ الإعلام المصريّ يلعب دورًا مهمًا، إذْ أنّه يقوم بتشجيع الرئيس السيسي بالقضاء على حركة حماس، مهما كان الثمن، بما في ذلك احتلال قطاع غزّة. كما زعمت الدراسة أنّ مصر بقيادة السيسي لا ترغب برؤية إعادة إعمار قطاع كم من قبل حركة حماس.

علاوة على ذلك، كشفت الدراسة على أنّ متابعة الحديث الذي يدور في مواقع التواصل الاجتماعيّ في مصر يتبين أنّ المصريين يعتقدون بأنّ "إسرائيل" بعد عدوانها الأخير على قطاع غزّة، في صيف العام 2014، لم تُنهِ العمل ضدّ "حماس"، وبالتالي فإنّه يتحتّم على إسرائيل العمل من أجل القضاء نهائيًا على حركة حماس، حسبما قالت الدراسة.

وتابعت الدراسة قائلةً إنّ الأوضاع الاقتصادية في غزّة باتت سيئة للغاية، فالرواتب لم تُدفع، وأموال إعادة الإعمار لم تُحوّل، ومصر تقوم بملاحقة حركة حماس وتُقيم منطقة عازلة بينها وبين القطاع، جميع هذه العوامل وضعت حماس في حالة من الغليان، وتحديدًا في ظلّ تنامي التأييد للسلطة الفلسطينيّة، وبالتالي، أوضحت الدراسة، فإنّه على الرغم من عدم رغبة حماس بخوض حربٍ جديدةٍ ضدّ إسرائيل، فإنّ العوامل الموضوعيّة التي ذُكرت أنفًا ستجعلها أمام خيار الحرب، الذي سيكون بمثابة تكون أوْ لا تكون.

أمّا فيما يتعلّق بحزب الله، فرأت الدراسة أنّ الحرب مع إسرائيل ليست في سلّم أولوياته، فهو الآن يقوم بمفاوضات مع تيار المستقبل، وفي لبنان لا يوجد لرئيس للجمهوري’ من أيار (مايو) من العام 2014، علاوة على ذلك، فإنّ حزب الله مشغول جدًا في محاولات صدّ المد السنّي، المتمثل بجبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلاميّة، وعدم السماح لهما بدخول الأراضي اللبنانيّة، كما أنّ الحرب التي يخوضها الحزب في سوريّة دفاعًا عن نظام الرئيس د. بشّار الأسد، تتطلّب منه الكثير من القوّة، ناهيك عن أنّها تجبي منه ثمنًا باهظًا.

بموازاة ذلك، أكّدت الدراسة على أنّ إسرائيل تُتابع لقلقٍ وتوجسٍ شديدين فرض حزب الله نفسه في الجزء الجنوبيّ من سوريّة، أيْ بالقرب من الجزء المُحرر من هضبة الجولان، وترى تل أبيب أنّ سيطرة حزب الله على أراضٍ أخرى في المنطقة عينها سببًا للقلق الشديد، وبالتالي إذا توصلّت إسرائيل إلى نتيجة بأنّ الأمر بات يُشكّل تهديدًا، فإنّها ستعمل عسكريًا من أجل إحباطه، وعليه، شدّدّت الدراسة، على أنّه إذا واصل حزب الله مساعيه للسيطرة على أجزاء أخرى من جنوب سوريّة، من أجل الدفاع عن الرئيس الأسد من ناحية، ومن ناحية أخرى فتح جبهة جديدةٍ ضدّ إسرائيل، فإنّه سيجد نفسه أمام مواجهة مؤلمةٍ وقاسيةٍ مع إسرائيل، على حدّ قول الدراسة.

وخلُصت الدراسة إلى القول إنّ المواجهة العسكريّة بين إسرائيل وحزب الله في الشمال، وبين إسرائيل وحركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينيّة في الجنوب، باتت اليوم أقرب من أيّ وقتٍ مضى.

ومع ذلك، قالت الدراسة، إنّ ما سيمنع اندلاع الحرب على الجبهتين الشماليّة والجنوبيّة، يكمن في حدوت تحوّلٍ إستراتيجيّ يقود إلى تغيير الوضع في منطقة الجنوب السوريّ وفي قطاع غزّة، وهذا التحوّل يُمكن إخراجه إلى حيّز التنفيذ عن طريق مبادرة سياسيّة ودبلوماسيّة، مُضيفةً إنّ هذه المبادرة التي سوف تدفع اللاعبين، أيْ إسرائيل وحزب الله وحماس، إلى تغيير قواعد اللعبة الموجودة الآن في جنوب سوريّة وفي قطاع غزّة، والتي تؤكّد على أنّ المواجهة العسكريّة بينهم بات أكثر من حتميّة بينهم، حسبما قالت الدراسة الإسرائيليّة.

نقلًا عن "الرأي اليوم"