أزمة إخوان الأردن: خفوت أصوات المتنازعين في الصف الأول وبروز تيار شاب “

بالعربي: خفت صوت الصف الأول من قيادات جماعة الاخوان المسلمين الأردنية بشقّيها: الجماعة “الأم” و”حديثة الترخيص” لصالح تيار الشباب الخارج من القواعد والذي نادى بحدّة لأول مرة لتوحيد الصفّ على طريقته الخاصة خلال اليومين الماضيين، إلا أن بيانا من جانب “جماعة الترخيص الجديد” قررت أن تكسر حاجز الصمت وتعيد نشر بيانٍ تستهدف فيه التيار الشاب.

البيان الأخير وتداعياته، لم تكن بعيدة عن “مونوتونية” الحديث عن الشرعية واحتكارها من جانب “جمعية جماعة الاخوان المسلمين” التي يتزعمها اليوم المحامي عبد المجيد ذنيبات، ونفي تلك الشرعية عبر الجماعة الأخرى التي يتزعمها بالمقابل الصقوري الدكتور “همام سعيد”، في تجاهل من قبل الطرفين لما طرحه “شباب الإخوان” من حلول يرتضونها، عقب تقييم الحالة.
فقد بادرت مجموعة “الشباب” بإصدار بيان قبل أيام بدا وكأنه نفي لحياة هؤلاء “تحت جلباب الآباء” جميعا، الأمر الذي تحدث عنه الكاتب فهد الخيطان في جريدة الغد بمقال موسّع تحدث فيه عن فكرة “الاخوان الجدد”، إذ اعتبر ما حصل مع الشباب المذكورين كثورة على كل القواعد الحزبية في الاردن، والتي فيها يختفي صوت القواعد لصالح القياديين، والتي حتى في حالات انقسامية كالتي تعانيها الجماعة، من المفترض أن تختار (أحد الجلبابين).
شباب الجماعة اليوم يبدو أنهم ينبعثون- وفق ما تنبأ فيه خبراء أجانب- من رماد الموجودين أصلا، ليبدؤوا حقبة أهم من سابقتها التي كان فيها الكثير من التشويه مع سرعة ارتفاع وهبوط أسهم الجماعة العالمية في المنطقة.
البيان الذي أصدره الشبان، والذي طالب بقيادة “توافقية” جديدة للجماعة ينضوي تحت رايتها كلا من الزعيمين المتنازعين اليوم “سعيد وذنيبات”، جاءت فيه رسالة أهم من مجرد المطالبة واقتراح الحلول، أهمها أن الشبان لم يتأثروا بالخطوات التي قام بها “الآباء” في الجماعة أو الجمعية لاستقطابهم، والتي من ضمنها تعيين أحدهم كناطق رسمي باسم الجماعة “الأم”.
فبخلاف ما توقعه المراقبون من كون تعيين الناشط الحراكي “معاذ الخوالدة” كناطق باسم الجماعة سيشكل تحولا في موقف الشبان، قرر التيار الغضّ أن يذكّر بأن لديه “رؤيته” وخارطة طريقه التي يراها ويقترحها ويطلقها للاعلام، وأنه ليس “قطيعا” هناك من يحدد له مساره.
الإخوان اليوم يواجهون انسلاخا حقيقيا من قبل قيادات الصف الأول، بينما حلّه بين يدي القواعد الذين استطاعوا أن يقولوا كلمتهم بكونهم يرون الجانبين “مخطئين”، لا بل ويفصلون أخطاءهما بكون الجانبين “خرجا عن وصايا الامام حسن البنا”، بطريقة تطابقت بصورة كبيرة مع ما قاله اثنان من “حكماء” الجماعة لـ”رأي اليوم” سابقا، وهما الشيخ سالم الفلاحات والدكتور عبد اللطيف عربيات، والذين باتا من فترة معقولة لا يشغلان أي مناصب بالهيكل التنظيمي للجماعة، عدا عن تلك التي يترأس فيها الدكتور عربيات لجان الإصلاح بين المتنازعين.
الشباب اليوم اقترحوا الدكتور عربيات كقيادة توافقية، وهو ما علمت “رأي اليوم” أن جماعة ذنيبات لا تميل له “تماما” كونه سيمثل خضوعا وتنازلا عن الولاية المفترضة لها اليوم بعد التصويب الذي ترى أنها قامت به بحقّ جماعتها الأم، رغم كون بيان ذنيبات الاخير يذكّر بصورة واضحة بانتخابات فعلية ستتم عقب 6 شهور من تشكيل الجمعية الجماعة، وفقا لقوانينها ونظامها الداخلي.
أما “الأم”، فتعلم “رأي اليوم” أن اسم الدكتور عربيات تردد بصورة كبيرة في أروقة الجماعة وكان فعلا على طاولة مجلس شورى الجماعة الأصلية خلال بحثها عن مخرج للأزمة، إلا أن الجماعة ذهبت لاستثناءه على أساس المضي بالاصلاحات المفترضة والتي قدمتها “مبادرة المراقب العام همام سعيد” قبيل سجن القيادي الاخطر في الجماعة الشيخ زكي بني ارشيد، والتي تتضمن بطبيعة الحال “انتخابات مبكرة لم يأتِ دورها بعد” وفق ما قاله أحد القياديين لـ”رأي اليوم”.
الجماعة الام اليوم تخشى “الانحناء” لعاصفة الخصومة لئلا تنكسر، كما تلك الجديدة، بينما يحاول الفرع الغضّ من الجماعة أن يذكّر بأن انحناءة من وزن ما طرحه الشباب قد تحمل في طياتها الكثير من الخير لوحدة الصف الكبير، وعودة “بعض” المياه لمجاريها.
المطلوب اليوم من الجانبين وفق المراقبين للموقف، يبدأ بأخذ الشباب على محمل الجد، وعدم التبخيس ببيانهم واقتراحاتهم حتى لا نحضر بالمشهد الاخواني اجتراحا لجماعة جديدة مكونة من قواعد “لم يُسمع لها”، بالمقابل فإن مجرد إيلاء ذلك البيان الاهتمام سيضخّ الدماء الجديدة بصورة حقيقية في الجماعة، ويمنحها المزيد من الشرعية والشعبية كونها ستكون الأولى من بين المؤسسات الحزبية والسياسية التي تخضع للقواعد وليس العكس.

الرأي اليوم