تبرير السلطة الفلسطينية وقاضي قضاتها و بادانة حركة “حماس″ كحركة ارهابية كان “مؤلما” واساءة لمفهوم المقاومة

بالعربي: من المفترض ان يكون موقف اي شخص يعمل بالقضاء يستند الى النزاهة وقيم العدالة واحكام القانون وحيثيات القضايا التي يتناولها، لكن السيد محمود الهباش قاضي قضاة فلسطين، ومستشار الرئيس محمود عباس لا تنطبق عليه هذه الصفات للأسف.

في تعليقه على الحكم الذي اصدرته محكمة عابدين للامور المستعجلة بالقاهرة واعتبرت فيه حركة المقاومة الاسلامية “حماس″ وجناحها العسكري “كتائب القسام” حركتين ارهابيتين برر السيد الهباش هذا الحكم بأنه جاء نتيجة “اخطاء حماس بحق مصر” وطالبها بالاعتراف بما ارتكبته من اخطاء بحق مصر، قائلا “بامكان حماس ان تعيد تصحيح الخطأ وهي تعلم كيف تفعل ذلك فهناك دولة وسيادة مصرية يجب ان تحترم”.
مثل هذا التعليق لا يجب ان يصدر عن “قاضي قضاة” في فلسطين او غيرها، لانه “فتوى” مسيسة طابعها الاصطياد في الماء العكر، وتعكس لهجة انتقامية ليس لها علاقة بالقانون والقضاء، ولا تتماشى مع منصب صاحبها الامر الذي يدفعنا في هذه الصحيفة الى التشكيك بالقضاء الفلسطيني واستقلاليته واحكامه، ومهنية قضاته ونزاهتهم.
السيد الهباش كان منتميا الى حركة “حماس″ وانشق عنها لاسباب تتعلق بتحفظاته على بعض سياساتها وممارساتها، والتحق بالسلطة الفلسطينية التي كافأه رئيسها بتعيينه وزيرا للاوقاف، وهذا من حقه، لكن ليس من حقه ان يؤيد حكما مصريا مسيسا يدين حركة مقاومة فلسطينية، قدمت آلاف الشهداء بالارهاب، ويتهم جناحها العسكري الذي تصدى ببطولة وشرف للعدوان الاسرائيلي الصيف الماضي على قطاع غزة واوقع في صفوفه خسائر ضخمة، وشل حركة الطيران في مطار تل ابيب بصواريخه، ومنع تقدم الدبابات الاسرائيلية بضعة امتار داخل قطاع غزة.
لا نطالب السيد الهباش بانتقاد الحكم المصري الظالم والمسيس اسوة بجميع الفصائل الفلسطينية الاخرى المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير باستثناء حركة “فتح” التي لا ينتمي اليها، بل لا يكن له الكثير من قياداتها اي ود، ولكننا نطالبه بالصمت احتراما لمنصبه، لان منصب قاضي قضاة فلسطين يظل منصبا كبيرا وينظر اليه الكثيرون داخل فلسطين وخارجها باحترام كبير، او يترك هذ الدور لغيره من مسؤولي السلطة.
ندرك جيدا ان السيد الهباش ربما ادلى بتعليقاته غير الموفقة هذه، اسوة بفتاوى ومواقف اخرى، بايحاء من الرئيس محمود عباس، واذا كان الحال كذلك فان هذا امر يدينه ويسيء اليه، وان كان يعزز مكانته في السلطة، ويفتح امامه ابواب مصر على مصراعيها في وقت يعاني مليونين من اشقائه في القطاع من الحصار والجوع بسبب اغلاق معبر رفح منفذهم الوحيد الى العالم.
خطورة تبرير اصدار هذا الحكم باهاربية حركة “حماس″ ومن مستشار الرئيس الفلسطيني تكمن في ما يمكن ان يترتب عليه من تبعات، مثل تشديد الحصار على القطاع، واطالة امد اغلاق معبر رفح، وربما اعطاء الضوء الاخضر لطائرات حربية مصرية بالاغارة على اهداف داخله اسوة بما فعلت في ليبيا، ولا نعتقد ان السيد الهباش ابن المخيم، والرجل العصامي، وينتمي الى اسرة قدمت العديد من الشهداء، يقبل بذلك.
حركة “حماس″ ارتكبت اخطاء عديدة، ليس هذا مجال سردها، ، ولكنها حركة مقاومة اسلامية عربية وليست حركة ارهابية ولن تكون طالما استمرت في حصر جهادها في مواجهة العدو الاسرائيلي مثلما هو حالها حاليا.
كان يمكن ان يتم اسقاط تهمة الارهاب عن هذه الحركة من مصر او اسرائيل او الولايات المتحدة لو انها اسقطت البندقية و”نبذت” المقاومة، وسلمت سلاحها، واعترفت باسرائيل واحتلالها لكل فلسطين، ولكنها لم تفعل، ولهذا تتواصل الاعتداءات عليها، ويشتد الحصار على مليونين من ابناء قطاع غزة، من العرب قبل الاسرائيليين، ولكن النصر يظل صبر ساعة، ولا نعتقد ان السيد الهباش يختلف معنا فيما سبق قوله.

الراي اليوم