التدفئة للتلامذة اللبنانيين.. والبرد للسوريين

بالعربي: يواجه التلامذة السوريون النازحون معاناة مضاعفة مقارنة بأقرانهم اللبنانيين، فالمدارس ذاتها، ولكن بدوامين تفصل بينهما مفارقات صارخة. في دوام ما قبل الظهر ينعم التلامذة اللبنانيون بالدفء، فيما الدوام الثاني المخصص لمن هجرتهم الحرب فالبرد يكون قارساً، لا تدفئة تبدد بعضاً من جليد المأساة. أما الوعود فكثيرة، إلا أنها لا تشعل موقداً ولا تشغل التدفئة المركزية، ولا تؤمن مستلزمات الحد الأدنى للتعليم.

هذا الواقع يرمي بثقله على المدارس الرسمية كلها التي تعاني تاريخياً إهمالا، فكم بالحري الآن بعدما تحولت ملاذاً لمئات التلامذة النازحين؟
تُعتبر «متوسطة عيتات الرسمية» نموذجاً يلخص تبعات ما تواجهه هذه المدارس من نقص في التمويل والتجهيزات. وأشارت مديرة المدرسة سهاد تلحوق إلى أن «لدينا قبل الظهر 140 تلميذاً (لبنانياً) وموازنتنا تكفي في حدود معينة. أما بعد الظهر فلدينا 567 تلميذاً من النازحين وقلوبنا معهم. وطالبت من موقعي وزارة التربية ومن المنطقة التربوية في جبل لبنان بضرورة تأمين تجهيزات، لكن نعلم أن الوزارة تواجه نتائج هذه المشكلة على مستوى كل لبنان».
ولفتت إلى أنه «في ظل الواقع القائم نضطر إلى وضع أربعة تلامذة على مقعد واحد». وقالت: «لا يمكننا تشغيل التدفئة المركزية فترة بعد الظهر بسبب قلة الامكانيات. وكانت اليونيسيف قد وعدت بتأمين ألف ليتر مازوت، وهي كمية قليلة لا تفي بالحاجة، وحتى الآن ننتظر وصولها».
وأشارت إلى أنه مع «موجة الصقيع الأخيرة اضطررت إلى إقفال المدرسة يومين متتاليين». أضافت تلحوق: «لدينا مصاريف كثيرة، فمع انقطاع الكهرباء نشغل مولداً يعمل على المازوت و «لشوفاج بحاجة إلى مازوت، وكل شهر نحن بحاجة إلى مليون ليرة فقط من أجل تأمين مياه الشفة التي لا تصل إلى المدرسة، هذا عدا مصاريف كثيرة».
ويوضح رئيس البلدية هيثم أبي صعب لـ «السفير» أن «المجلس البلدي ساهم في مراحل سابقة في رفد المدرسة بالمساعدات والتجهيزات، إلا أننا الآن نواجه وضعاً صعباً وسط حالة تقشف، لأن الموارد الأهم للبلدية مصدرها القيمة التأجيرية التي كنا نحصلها من الخليجيين أصحاب العقارات والقصور، فيما المواطنون غير قادرين على دفع القيمة التأجيرية نتيجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي». وأكد «أننا لسنا بعيدين عن معاناة التلامذة السوريين فهم أبناؤنا أيضاً ونظمنا احتفالاً ترفيهيا لهم في مناسبة عيدي رأس السنة والميلاد قبل نحو شهرين، لكننا في موضوع التدفئة نصطدم بقلة الموارد المالية». وأشار إلى «أننا تابعنا الامر مع إدارة المدرسة وعلمنا أن هناك وعوداً بتأمين كمية من المازوت من جهات إنسانية لكنها لم تصل إلى الآن».
تجدر الاشارة إلى أن التلامذة النازحين يدرسون المناهج التربوية اللبنانية وسيخضعون لامتحانات رسمية. وهذه مشكلة تواجه المدارس، ذلك أن ظروف التعليم وسط غياب الحد الأدنى من المستلزمات الضرورية للنازحين من تدفئة وكتب وقرطاسية تفرض على المدارس تحديات كثيرة، لجهة إنهاء البرامج التعليمية في الأول من أيار المقبل.
وأشارت تلحوق إلى أن «هذه السنة كان الوضع مختلفا بحيث أصبحت وزارة التربية هي الجهة المسؤولة، أما في السنوات الماضية فكانت مؤسسة Warchild of Holland تؤمن 630 دولاراً عن كل تلميذ. ورفضت الوزارة تحويل المال مباشرة إلى إدارة المدرسة، وهي ستحول 240 الف ليرة عن كل تلميذ نازح».
ولفتت تلحوق إلى أن «الدراسة للتلامذة السوريين بدأت في 26 كانون الثاني وإلى الآن لم يحصل المعلمون والمعلمات على أتعابهم»

بقلم:انور عقل ضو