على طاولة “عين على العدالة”… مشروع قرار بقانون ضريبة القيمة المضافة مخاطر وتجاوزات”


بالعربي: ناقشت الحلقة الخامسة من برنامج “عين على العدالة” الذي ينتجه المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء “مساواة” بالتعاون مع وكالة مدى الأخبار، مشروع قرار بقانون ضريبة القيمة المضافة.. مخاطر وتجاوزات، وشارك فيها أمين سر المجلس التنسيقي للقطاع الخاص إبراهيم برهم، ومديرة برنامج حوار السياسات في مؤسسة مفتاح لميس الشعيبي، والمحامي والكاتب صلاح الدين موسى.

أمين سر المجلس التنسيقي للقطاع الخاص إبراهيم برهم قال أن مشروع قرار بقانون ضريبة القيمة المضافة عُرض وتم النقاش فيه لأكثر من عام من قبل وزارة المالية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن القطاع الخاص كان لديه العديد من الملاحظات على مشروع القرار بقانون بصيغته الأولى إلى جانب الملاحظات التي طرحتها أكثر من جهة لذا تم تجميد إقراره في حينه.

وأشار برهم إلى أنه لم يكن هناك قانون فلسطيني للقيمة المضافة حتى اليوم، ولذا فإن هذا أول قرار بقانون يتعلق بضريبة القيمة المضافة، مؤكدا أن هذه الضريبة هي بالأساس ضريبة غير مباشرة بحسب علم الضرائب، والقطاع الخاص هو الوسيط ما بين الحكومة وما بين المستهلك النهائي، فجميع الحركات المالية المتعلقة بهذا القانون تمر بالأساس عبر بوابة القطاع الخاص.

وأضاف قائلا: “إذا لم تكن طريقة الاحتساب وطريقة التعامل مع القيمة المضافة واضحة للجميع سيؤدي ذلك إلى مشاكل عديدة، ومن هنا جاءت ملاحظاتنا كقطاع خاص في حوراتنا مع وزارة المالية، والأمر الإيجابي الذي يجب الإشارة إلية أن وزارة المالية كانت مستمع جيد لملاحظاتنا”.

كما كشف برهم خلال حديثه عن أن التوافق الذي أُعلن عنه مؤخرا بين القطاع الخاص ووزارة المالية جاء نتيجة جهود كبيرة من كافة الأطراف كما جاء مؤكداً على مجموعة من النقاط أهمها: أن القطاع الخاص أوصى بأنه لن يقبل باعتماد مسودة مشروع القرار بقانون قبل عرضها على جهات قانونية مختصة للتأكد من جوانبها القانونية والصيغ التشريعية الموجودة فيها.

وأكد برهم انه بناءً على مسودة المشروع التي تم التوافق عليها لن تفرض ضرائب على “أتعاب نهاية الخدمة”، كما كان موجود في الصيغة الأولى من المسودة، مشيرا أيضا إلى أن القطاع الزراعي كان من أكثر القطاعات المظلومة من القرار بقانون بصيغته الأولى، إلا أنه بحسب الصيغة الجديدة سيكون معفي من ضريبة القيمة المضافة.       

وأشار برهم إلى أن المعضلة الحقيقية التي دفعت الجميع للتفكير باتجاه مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة هو أن طريقة احتساب ضريبة القيمة المضافة وفقاً للأوامر العسكرية الإسرائيلية النافذة، يشوبها خللٌ كبير وتعتمد بجزء كبير منها على رأي المدير القائم على التعامل مع المكلف بالضريبة، الأمر الخطير جدا.

مضيفاً “نحن بحاجة إلى قانون فلسطيني عصري، يلبي كافة احتياجات المجتمع بمختلف شرائحه، ويتجاوز العديد من المشاكل التي نوجهها حالياً، فعلى سبيل المثال عند خفض “إسرائيل” للقيمة المضافة تعمل السلطة على خفض أو رفع النسبة 1-2 % حسب اتفاق باريس، الأمر الذي يمكن تخطيه بوجود قانون فلسطيني لضريبة القيمة المضافة”.

وأوضح برهم بأن القطاع الخاص هو جزء أصيل من المجتمع الفلسطيني، يشغّل أكثر من ٧٠٠ ألف مواطن في الضفة الغربية، ويمثّل أكبر شريحة تخاطبها التشريعات الضريبية، مؤكدا أنه في معظم اللقاءات مع وزارة المالية دافع ممثلو القطاع الخاص بقوة عن مطالب مؤسساتهم وكذلك مطالب المجتمع المدني والمؤسسات الغير ربحية.

بدوره عارض المحامي صلاح الدين موسى موقف القطاع الخاص مؤكداً أن مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة هو قانون بالاسم والشكل ولكنه يبعد كل البعد في تفاصيل بنوده عن ذلك، حيث تجد أنه يمثل هدما لكل القواعد القانونية.

وأضاف “من أبرز التخوفات حول مشروع قرار بقانون ضريبة القيمة المضافة أنه في حال إقراره بالصيغة التي تم الاطلاع عليها سيؤدي إلى الكثير من النزاعاتٍ القانونية”، موضحاً في مثال ” حسب قانون الجمعيات في مواده (١٤-١٥) فإنه يحق للجمعيات أن تمارس أنشطة ربحية مدرّة للدخل ومعفيّة من الضرائب والرسوم، لكن بحسب مشروع قرار بقانون ضريبة القيمة المضافة فإن على هذه الجمعيات دفع ضريبة على نشاطاتها، وضريبة على نهاية الخدمة.

وفي مثال آخر، أشار إلى أن مشروع القرار بقانون الجديد هذا قد استحدث منصب جديد أسماه “المفوض العام للإيرادات” وأعطاه صلاحيات وزير، منها اجراءات الحجز التحفظي.

وصرّح موسى أنه يؤيد وجود قانون فلسطيني خاص بضريبة القيمة المضافة ولكن ليس بهذه الظروف ولا بهذه المعطيات. موجهاً انتقاداً للمادة رقم (١) من مشروع القرار بقانون والتي تنص على أنه يحق للوزير أن يخفض نسبة الضريبة باستثناء المهن الحرة، إن اتفاق باريس يعطي هامش للسلطة لأن تكون نسبة ضريبة القيمة المضافة أقل ب ٢٪ منها في “إسرائيل” وأضاف متسائلاً “فلو قررت “إسرائيل” مستقبلا أن تخفضها مثلاً، كيف للسلطة الوطنية الفلسطينية أن تتعامل مع ذلك؟ فعند إعطاء الوزير الصلاحية في التحكم بقيمة الضريبة، هل ستصبح أكثر من الضريبة في “إسرائيل”؟ وهل ستستثني قطاعات معينة؟ وتساؤلات وعلامات استفهام كثيرة أخرى يثيرها مشروع القرار بقانون هذا ستدخلنا بلا شك في نزاعات جديدة”.

وأشار موسى إلى المادة رقم (٨٨) من القانون الأساسي الفلسطيني والتي تنص بشكلٍ واضح على أنه “لا ضريبة ولا رسم إلا بقانون”، إن إقرار الرئيس لمشروع قرار بقانون الضريبة المضافة، كإقراره على أي مشروع قانون آخر هو بحد ذاته محل نقاش وجدل خصوصاً في ظل غياب المجلس التشريعي، وأضاف متسائلاً “هل نحن في حالة طوارئ واستعجال حقاً ليتم إقرار مثل هذا القرار بقانون وفي هذا الوقت بالذات؟”

وطالب موسى وزارة المالية بفتح حوار شامل مع كافة القطاعات، كما حاورت القطاع الخاص، مؤكدا ضرورة أن يتم نشر مسودة مشروع القرار بقانون للجميع للاطلاع عليه، وهذا ما توافق عليه كافة المتحدثين في الحلقة.

وجدد موسى مطالبته بعدم تمرير هذا القرار بقانون قبل إعادة صياغته من قبل لجان فنية قانونية وضريبية مختصة ومن القطاعات المختلفة المعنية، وإزالة أي نص إشكالي يتعلق بالغرامات وبالحجز التحفظي وبالصلاحيات الواسعة المعطاة للوزير.

بدورها أكدت مديرة برنامج حوار السياسات في مؤسسة “مفتاح”، لميس الشعيبي، أن موقف مؤسسات المجتمع المدني من مشروع القرار بقانون ضريبة القيمة المضافة، عند طرحه للحوار، طالب الجهات المسؤولة بالتروي في إقراره وعدم الاستعجال، وأوصى بأن يتم طرحه للمزيد من النقاشات والحوارات المكثفة، موضحة أن المجتمع المدني لمس في الصيغة الأولى لمشروع القرار بقانون محاولة لإعطاء مساحة للجهات الرسمية والتنفيذية للسيطرة على المؤسسات الاهلية، الأمر الذي سينعكس سلبا على عملها، كونها مؤسسات غير ربحية تعمل وفق قانون الجمعيات.

وأوضحت الشعيبي أن مؤسسات المجتمع المدني أكدت في جميع حواراتها أن أولويتها الحفاظ على استقلالية المؤسسات الأهلية، وعدم تشويه حضورها في المجتمع الفلسطيني، أو التشكيك بالأنشطة التي تنفذها والتي أخضعت الى هذا النوع من الضرائب وفقا للقرار بقانون بصيغته الأولى، مؤكدة “إن هذا القانون بصيغته التي طرحت اول مرة صمم على مقاس النظام السياسي فقط”.

كما شددت الشعيبي على مطلب مؤسسات المجتمع المدني بأن معيار العدالة الاجتماعية يجب أن يكون حاضراً عند إقرار نسبة الضريبة، وأن تكون متغيرة وفقا للفئات والمواد والخدمات المختلفة في المجتمع.

كما أوضحت الشعيبي أن المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء “مساواة” قدم جملة من الملاحظات القانونية على مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة، أوضح فيها مخالفته لمبدأ سيادة القانون ومبدأ اعتماد السلطة القضائية كالجهة المسؤولة عن تطبيق القانون، وطالبت وزارة المالية بعقد لقاءات مع كافة الأطراف المعنية ودراسة ملاحظاتها وذلك بعد نشر الصيغة النهائية للمشروع.

وحذرت الشعيبي من فكرة فرض ضريبة قيمة مضافة على المؤسسات الأهلية التي تعمل على انتاج بعض المواد، لأن ذلك سيحد من قدرتها على الصمود، خاصة وأن منتجات هذه المؤسسات لا تهدف بالمفهوم العام لتحقيق أرباح، بقدر ما توفر مصدر دخل لهذه المؤسسات للاستمرار في عملها وتقديم خدماتها المجانية.