عمار الدويك: نزار بنات معارض سياسي ووفاته أثناء الاعتقال بمثابة الهزة، ولدينا جزء كبير من مقومات النظام البوليسي


قال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك إن ما جرى مع الناشط نزار بنات فجر اليوم، هو حادث مفجع وخطير جدا ويثير أسئلة كثيرة خصوصا وأن بنات معارض سياسي وناقد للسلطة ولشخصيات بارزة فيها، وتعرض للاعتقال والملاحقة أكثر من مرة من قبل الأجهزة الأمنية.

وأَضاف خلال برنامج ساعة رمل الذي تنتجه وتبثه شبكة وطن الإعلامية، أن مجرد وفاة معارض سياسي أثناء اعتقاله هزة في جميع أنحاء الكرة الأرضية، مردفا: "جميع أصابع الاتهام الآن موجهة الى السلطة والأجهزة الأمنية التي اعتقلت بنات".

وتابع: إذا أثبت التحقيق أن بنات توفي نتيجة تعذيب، أو إذا كان هناك استخدام للقوة، فإن ما حدث يعتبر جريمة بالطبع، مطالبا بضرورة الإسراع في التحقيقات وضمان النزاهة والشفافية فيها، والأهم محاسبة ومساءلة كل من له علاقة بالموضوع.

وأوضح الدويك أنه تم اعتقال بنات فجر اليوم حوالي الساعة 3:30 من منزل أقاربه في منطقة اتش 2 الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي في محافظة الخليل، من قبل قوة كبيرة من الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

وتابع: العائلة أفادت لنا بأنه أثناء اعتقاله كان هناك استخدام للعنف والقوة ضد المرحوم نزار بنات، وبعد اعتقاله بفترة وجيزة أُعلن عن وفاته، حيث بلغنا رسميا في الهيئة عن وفاته حوالي الساعة 5:30 صباحا.

وقال: طالبنا المشاركة في التشريح، وهناك طبيب من الهيئة وطبيب آخر مختار من العائلة الى جانب أطباء التشريح المعتمدين الرسميين للإشراف على عملية التشريح، ونحن في انتظار تقرير الطب العدلي لمعرفة سبب وفاة نزار بنات والكشف الظاهري على الجثمان، للكشف عن نقطة أساسية وهي اذا كان هناك أي استخدام للعنف والشدة، مشددا أن الهيئة المستقلة ستعلن عن النتائج فور صدور التقرير.

وحول الوقت المتوقع لإصدار النتائج أوضح الدويك أن النتائج في بعض الأحيان تأخذ وقتا اذا طلب الأطباء فحوصات إضافية، ولكن أي معلومة مؤكدة حول نزار بنات سوف ننشرها للرأي العام، وسننشر تقرير الطب الشرعي فور صدوره.

وشدد دويك قائلا: لدينا مشكلة حقيقية في البلد في المساءلة والمحاسبة، وأحيانا يتم التغطية على بعض مرتكبي المخالفات والجرائم، تماما كما حدث في قضية مقتل المواطن أبو العز حلاوة، حيث لم تتم مساءلة أو محاسبة أحد، حيث قامت الأجهزة الأمنية آنذاك باعتقال أبو العز ومن ثم تسليمه الى مجموعة غاضبة من عناصر الأجهزة الأمنية حيث ضربوه حتى الموت، مشيرا أن الهيئة المستقلة حققت في القضية ونشرت التحقيق للرأي العام لكن لم يؤخذ بنتائجه على أرض الواقع.

وتابع: كنت عضوا أيضا في لجنة تحقيق في قضية الاعتداء على مظاهرة أمام "مجمع المحاكم" في قضية الشهيد باسل الأعرج، حيث أصدرنا حينها مجموعة من التوصيات ولكن لم يؤخذ في معظمها.

وأكد أنه اذا لم يكن هناك اعتماد لتوصيات لجان التحقيق ومساءلة ومحاسبة مرتكبي الجرائم، فإن لجان التحقيق تفقد معناها ومحتواها.

"معظم الشكاوى التي تصلنا على جهاز المباحث العامة"

وحول اساءة معاملة المواطنين خلال التوقيف والاحتجاز، قال الدويك: نتلقى الكثير من الشكاوى حول إساءة المعاملة خصوصا داخل مراكز التوقيف، ونقوم بمتابعة جميع القضايا التي تصلنا.

وتابع: موضوع اساءة المعاملة للأسف موجود، ويتفاوت من جهاز أمني الى آخر وبين فترة وأخرى، لكن معظم الشكاوى التي تصلنا هي على جهاز المباحث العامة في الضفة وغزة.

"ضعف في منظومة الرقابة على الأجهزة الأمنية"

وأكد الدويك أن الهيئة لا تقتنع بجدية كل التحقيقات داخل الأجهزة الأمنية حينما يتعلق الأمر بالتحقيق حول وجود إساءة المعاملة من قبل أفراد الأجهزة الأمنية أنفسهم، لأنه يتم إنكار معظم الحالات، لذلك طالبنا بمفتش عام للأجهزة الأمنية لا يتبع لقيادة الأجهزة الأمنية وهذا موجود في جميع أنحاء العالم المتحضر، حيث تخضع الأجهزة الأمنية لرقابة متنوعة وشديدة لضمان احترام حقوق الإنسان.

وأكد أن هناك ضعف في منظومة الرقابة على الأجهزة الأمنية، ما يحتاج الى تعديلات في التشريعات وإنشاء مؤسسات رقابية متخصصة.

"لدينا بالفعل جزء كبير من مقومات النظام البوليسي"

وردا على سؤال هل تحول نظامنا السياسي الى نظام بوليسي؟، قال الدويك: لدينا بالفعل جزء كبير من مقومات النظام البوليسي، مردفا: النظام السياسي مطالب الآن بوقف الاعتقال السياسي والإفراج عن جميع الموقوفين على خلفية حرية الرأي والتعبير، وتعديل القوانين التي تجيز توقيف شخص لمجرد كلمة على الفيسبوك بما في ذلك قانون الجرائم الإلكترونية سيء السيط، مشددا "يجب تغيير كامل في المنهجية بالإضافة الى تغيير في الأشخاص والعودة الى الانتخابات".

وأكد أنه بعد تأجيل الانتخابات، هناك استقطاب واحتقان كبير في الشارع، وهناك حالة من عدم الثقة في المؤسسات العامة التي تآكلت شرعيتها نتيجة غياب الانتخابات، وبالتالي أي مخالفة سيكون لها ردة فعل قوية وواسعة داخل الشارع الفلسطيني، لأن الشارع يشعر بالتهميش والإقصاء في ظل غياب التغيير وبقاء ذات الوجوه.

وأضاف أن ما يحدث يسيء للقضية والشعب عالميا وهذا ما تستغله دولة الاحتلال حاليا، حيث تفرد مساحات واسعة لهذه الانتهاكات وتسلط الضوء عليها، في محاولة احتلالية لإظهار الفلسطينيين وكأنهم شعب غير حضاري ولا يستحق دولة.

"القوانين الموجودة أدوات كافية لقمع الحريات وتكميم أفواه المواطنين"

وردا على سؤال هل يتم استغلال حالة الطوارىء لارتكاب المزيد من الانتهاكات بحق الحريات العامة، قال الدويك: مستوى القمع والتضييق على الحريات موجود قبل الطوارىء واستمر خلال الطوارىء بنفس الوتيرة، خصوصا وأن الأجهزة الأمنية ليست بحاجة الى أنظمة طوارئ للتوقيف والتضييق على الحريات العامة، لأن القوانين الموجودة أصلا مثل قانون العقوبات الأردني لسنة الستين وقانون منع الجريمة الاردني لسنة 54 الذي يستند إليه المحافظين في التوقيف، وقانون المطبوعات والنشر وقانون الجرائم الالكترونية، كلها أدوات كافية لتوقيف وحجز الحريات وتكميم أفواه المواطنين، ويتم استخدامها واللجوء إليها من قبل السلطة التنفيذية.

لكن دويك استدرك قائلا: خلال حالة الطوارىء كان يتم تبرير منع بعض التجمعات السلمية على خلفية الحالة الوبائية رغم أن ذلك كان يتم بشكل انتقائي، فإذا كان التجمع معارض للنظام يُستند الى الحالة الوبائية، واذا كان موالي يسمح به.

"خلق بيئة الخوف"

وشدد الدويك أن حقوق الإنسان لا تتجزأ، وكل الانتهاكات الممارسة سواء في الضفة أو القطاع هي خطيرة جدا، ولكن أخطرها استدعاء أشخاص على خلفية كتابات على الفيسبوك واستدعاء ناشطين وتوقيفهم واحتجازهم، هذا إضافة لتأجيل الانتخابات وتعطيل المشاركة السياسية للمواطنين.

وأشار الدويك الى أن المواطن العادي في الشارع بات يخاف من إبداء رأيه بحرية، نتيجة الانتهاكات الممارسة، مثل الاستدعاءات والمضايقات، وهذا بات انطباعا لدى الشارع الفلسطيني وللأسف يتعزز نتيجة استمرار وجود الانتهاكات، ما يخلق بيئة عامة من الخوف وهي موجودة بالفعل على أرض الواقع.

"النظام الذي استندت عليه الحكومة في تشكيل لجنة التحقيق المتعلقة بصفقة اللقاحات، غير منشور في الجريدة الرسمية"

وفي قضية صفقة اللقاحات مع دولة الاحتلال، قال الدويك إن اللجنة باشرت عملها بالأمس، والتقت بوزيرة الصحة، وطلبنا كل الوثائق التي لها علاقة بالموضع، وحصلنا عليها بالفعل، والتقينا بعدد من المسؤولين في الوزارة، و سنستكمل اللقاءات خلال الأيام المقبلة.

وتابع: وصلتنا نسخة بالأمس فقط من قرار تشكيل اللجنة من قبل الحكومة، ولدينا ملاحظات على القرار، لذلك خاطبنا رئيس الوزراء اليوم وطالبناه بتعديل صيغة القرار.

وأوضح الدويك أن القرار يستند في الصيغة التي وصلتنا الى نظام اللجان المنبثقة عن مجلس الوزراء لسنة 2004، وهذا النظام غير منشور في جريدة الوقائع ولا نعرفه، ولا نعلم عما يتحدث هذا النظام، علما أننا لجنة مستقلة ولسنا لجنة وزارية، كما طالبنا رئيس الوزراء أيضا بتعديل بعض الصياغات، بما يوضح طبيعة هذه اللجنة كي يتعاون معها الجميع، وننتظر التعديلات على القرار.

وتابع: لجنة تقصي حقائق كل الشارع الفلسطيني ينتظر نتائجها، لذلك سنعمل باستقلالية ومهنية وأمانة، وسنعلن النتائج مهما كانت عندما تتضح الصورة بكل جوانبها.

وأكد أن دور اللجنة إظهار الحقيقية، وإذا أرادت الحكومة الحفاظ على ما تبقى من مصداقية للجان التحقيق في فلسطين، من المفترض أن تطبق توصيات اللجنة وأن تحترمها.

وردا على سؤال هل تلقيتم ضمانات من الحكومة بتطبيق التوصيات قال: لا يوجد ضمانات في البلد، الضمانة الوحيدة قوة الرأي العام الفلسطيني.

وقال إن اللجنة مشكلة من شخصيات ذات مصداقية عالية ولا يوجد أي مصلحة للتغطية على أحد، وبالتالي ما سنوثقه سنقوله للرأي العام، وبالتالي سنجلس مع كل من تفاوض واستلم ووقع على الصفقة، وكل من له علاقة بالموضوع.

وشدد أن غياب الشفافية في التعامل مع الجمهور أحد أهم جذور جميع المشكلات التي تواجه الفلسطينيين اليوم سواء بموضوع اللقاحات أو بغيره.