فيلم "ملح الحرية".. رسالة عالمية للتضامن مع الأسرى


بينما كان الفلسطينيون يتضامنون مع الأسرى المضربين عن الطعام منذ 17 أبريل الماضي في خيام التضامن بمحافظات الوطن، كان الشاب محمد المشهراوي يواصل الليل بالنهار لإعداد فيلم كرتوني يجسد جانبًا من هذه "المعركة".

المشهراوي (23 عامًا) من مدينة غزة أنتج فيلمًا قصيرًا مدته ثماني دقائق صوّر فيه الأحاسيس والمشاعر التي يعيشها الأسير داخل أسره في "دياجي ظلام المعتقل".

وتضمن الفيلم في نهايته رسالة بثلاث لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية، وهو من إنتاج شركة "ميديا تاون" ورعاية المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان.

صانع الأفلام الشاب سخّر موهبته بالرسم وما تعلمه في تخصص العمارة بالجامعة الإسلامية، لصناعة أعمال فنية هادفة؛ للنهوض بالقضية الفلسطينية وقضايا الأمة، وإحياء قيم "الإرث الإسلامي الأصيل"، كما يقول.

ويوضح المشهراوي لوكالة "صفا" أن الفيلم يقع في دائرة "الخيال والفانتازيا" وهو من الأفلام الصامتة المُحمّلة بالإيحاءات، والمعتمدة على "الصورة فقط" لكي تصل الفكرة إلى كل شعوب العالم.

"ماء وملح"

وينوه إلى أن الفيلم يعرض مشروب "الماء والملح"، وهما رمزا المقاومة والصمود الذاتي عند الأسرى، وسيدرك مُشاهده مدى أهمية هذا السلاح الذاتي الذي يمتلكه الأسير رغم بساطته.

وذكر أن "الماء والملح سلاح أمل ومصل وقائي للأسرى يحفظ توهجهم في دياجي ظلام المعتقل"، كما له دور مهم في التكافل المجتمعي والدولي للتضامن معهم حتى استرداد حقوقهم المسلوبة.

ويوضح المشهراوي أن قضية الأسرى في سجون الاحتلال، كانت ولازالت تستدعي جهود الأحرار في العالم العربي والإسلامي والعالم، لافتًا إلى أن أحاسيسهم كانت الملهمة لعمله الفني.

ويلفت إلى أن الخبير الإعلامي حسام شاكر كان صاحب اقتراح تسمية الفيلم بـ"ملح الحرية"، لما في ذلك من ارتباطات بسيرة المقاوم الهندي "المهاتما غاندي" ضد الاحتلال البريطاني.

"فراشات النور"

الفيلم القصير يبدأ مع فلاح يلتقط "فراشات النور" (خيالية) تتحول فيما بعد لشتلات يزرعها بأرضه في جو سعيد ومفعم بالأنوار، وفجأة يظهر دخان أسود من بعيد ويبدأ باجتياح القرية، والتهام الألوان والضوء.

ويهرع الجميع مذعورين من هذه الموجة السوداء الغاشمة (في إشارة إلى اعتداءات الاحتلال)، وأثناء سيره لإنقاذ طفلته الصغيرة في ذلك الموقف "يسقط في أسر الظلام"".

ويبدأ الفلاح بعدها بفصل جديد من حياته؛ حيث يرتدي الزي البني الخاص بالأسرى، وسط ظلام تام، ويظهر حينها سجان أسود يحاول بطرق مختلفة نزع الألوان من الأسير، ويفشل في ذلك.

السجان يترك الأسير الذي أعياه التعذيب؛ وفي لحظة تعب ويأس تخرج من الفلاح "هالة مضيئة" لتعطيه وسط الظلام زجاجتان مكتوب عليهما "ماء وملح" (في إشارة لصمود الأسرى بإضرابهم عن الطعام).

يشرب الأسير منهما فتعود ألوانه متألقة ويستعيد ذكرياته في القرية؛ وهناك تدعو له زوجته وهي على سجادة الصلاة؛ أما ابنته فتحمل "فَراشات الضوء" لترفرف في السماء منطلقة نحو الأسر حيث والدها.

"هل ستعود؟"

تهب الفراشات الظلام ألوانًا وبهجة، ويركض خلفها الأسير فرحًا بالألوان التي بدأت تغمر المكان؛ إلا أن نهايتها تكون في يد السجان الغليظ فيحطمها.

في تلك اللحظة يصاب الأسير بانهيار وإحباط؛ ليبدأ السواد باجتياح أطرافه؛ فيتذكر عبوتي "الماء والملح" فيهب لإخراجهما فلا يستطيع؛ وهنا تتجمد أطرافه وتسقط العبوتين تحت قدم السجان فيحطمها.

إلا أن الفراشة المُحطّمة تنهض شيئا فشيئًا، وتطير وتقترب منه برهة، ثم تتركه وتذهب بعيدًا، ليصاب بعدها بخيبة أمل شديدة ويبدأ بالتصلب مع ذكريات أليمة من العذاب ووسائل التعذيب.

ويبقى السؤال الذي سيفهمه المشاهد وفق المشهراوي: "هل ستعود هذه الفراشة التي خرجت من الأرض الخضراء لتعيد معها الكثير من فراشات الأمل ممن آلمهم وقع الظلم على هذا الإنسان القابع في الزنزانة المظلمة؟".

ويواصل أكثر من 1800 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، إضرابهم المفتوح عن الطعام والمعروف بـ "إضراب الحرية والكرامة" لليوم 32 على التوالي لتحقيق مطالب إنسانية ومعيشية لهم.